القاضي بومفتاح الاولاد لأمهم صالحة ورجعت فيها الروح بعدما إنتفخت عيناها من كثرة البكاء .
لكن عقيسة قالت الويل لكم مني سأنتقم من كل من آذاني وطارت يا سادة يا كرام للصحراء وجمعت كل الجراد الذي يعيش هناك وصارت ملكته ونوت على الغدر باهل البلاد وقالت سأبدأ بقريتي ثم أنتهي بقبيلة بومفتاح . وفي أحد الأيام إستفاق أهل القرية على سحب من الجراد تملأ السماء تطير إلى بستان صالحة ليهلك الشجر والزرع وتصايح الناس خوف على تلك المرأة المسكينة التي ستجوع مع أولادها فالجراد لن يترك لها شيئا لا أخضر ولا يابس ...
لما إقترب سرب الجراد من للبستان هبت ريح شديدة ألقت به في بحيرة قريبة فغرق اكثره وجاء الصبيان لاصطياد الباقي وكان في ذلك الوقت الناس يأكلون الجراد لانه يسرح في الشجر والزرع كالغنم ولما أشعلوا الڼار لطبخه إلتفت واحد منهم لعقيسة فرآها مكسوة بالملح فقطع جناحيها وألقاها على الأرض فضلت تزحف واختبأت بين الأشجار ولما سمعت صالحة بقصة تلك الجرادة المالحة قالت لأهل القرية إنها عقيسة وقد لجأت لتلك الحيلة لكي لا تصبح طعاما لكن بإذن الله لن يقوم لها قائمة الآن . أما الصغار فلما عرفوا حكاية الجرادة عقيسة زينوا واحدا منهم باللون الأخضرثم بدأوا يجرون ورائه وهم يغنون
يا جرادة مالحة
أين كنت سارحة
أدخلي بستان جارتك
إن كنت فالحة
ستعيشين وحدك
أمام القرية ماشية رايحة
ماذا ربحت لا شيئ
لا رمان ولا تفاح
إلا عصا القاضي بومفتاح
أما الساحرة فاستبد بها الندم عل ما فعلته بجارتها والآن كتب الله عليها أن تظل طول حياتها جرادة كل مرة كانت تقترب من القرية لترى الأهالي وهم يعيشون بسعادة بعدما تخلصوا منها ولما تشم قصاع اللحم تشتهي أن تأكل منها لكن لا تجرأ على الإقتراب فلو قبض عليها الصبيان لقطعوا أرجلها وټموت جوعا في مكانها وفكرت أن تحتال عليهم وتجرهم للغابة فيضيعون لكنها تابت عن فعل الشړ ثم إقتربت من ولد صغير وقالت له أعطني شحمةوسأدلك على عش للنحل مليئ بالعسل !!! فوافق وصار الصبيان يحملون إليها الطعام فتأكل حتى تشبع ثم تجلس وسطهم وتقص عليهم أغرب الحكايات وكانت الأمهات يفتقدن صغارهن كل مساء ولما يعودون إلى بيوتهم لا يقلقون آبائهم وأمهاتهم وحين يسألونهم أين تختفون كل مساء كانوا لا يجيبون فقد أوصتهم عقيسة بكتمان السر لكن أحد الأيام حكت بنية صغيرة عن تلك الجرادة المقطوعة الأجنحة التي تقص عليهم الحكايات وتريهم أماكن العسل والتوت البري .
فلما سمعت صالحة قالت أنا أسامح عقيسة فلقد نالت جزاءها وفي النهاية هي واحدة منا واستحسن أهل القرية هذا القول بعدما رأوا أدب صبيانهم وكيف ربتهم الساحرة فذهبوا إليها وأرجعوها لدارها ودعوا لها بالهداية فوجهها القبيح هو الذي جعلها تغار وتعمل الشړ !!! وفي الغد لما ذهب لها الصبيان وطرقوا بابها فتحت لهم امرأة خضراء العينين تلبس فستانا أخضرفتعجبوا من جمال منظرها وقالوا لها أين الجرادة عقيسة فلقد أحضرنا لها ما تأكله !!! فضحكت وقالت لهم أنا الجرادة ومن اليوم إسمي جميلة وهي نفسها لم تصدق لما نظرت لنفسها في المرآة هذا الصباح فبالرغم من كل ذنوبها فلقد غفرها الله لها لأنها تابت بصدق وأظهرت الحب بعد الحقد وباب التوبة دائما مفتوح وربك غفور رحيم .ثم خطبها رجل فقير فوافقت وبعد الزواج سكن عندها في بيتها ومن الغد شمر على ذراعيه وبدأ يحرث أرضها البور التي لم تنبت يوما حتى عشبة واحدة
وبعد أسابيع أينعت أرضها ونمت فيها الأشجار والزهور وصارت مثل بستان صالحة وعلمت أن الشړ أكبر الآفات وهو يسمم البدن والعقل وفي نهاية السنة رزقها الله مولودا بهي الطلعة أجمل من أطفال كل القرية والآن صالحة هي من بدأ يشعر بالغيرة من جارتها الشابة ذات العيون الخضراء لكن كم من الوقت سيمر قبل أن تسوء العلاقة معها من جديد